خير جليس في الزمان




    رحم الله المتنبي عندما اعتبر الكتاب خير جليس وليرحمنا الله في هذا الزمان الذي اعتبرنا فيه القنوات الفضائية خير جليس؛ ما بين عصرنا وعصر المتنبي مئات السنين، هل لو كان عصر المتنبي به هذا الكم الكبير من القنوات الفضائية والاطباقالفضائية والانترنيت والهاتف المحمول وغيرها من وسائل قتل الوقت لكان المتنبي قد قال انذاك ان الكتاب خير جليس ‘ أم انه قد يكون قد عدل عن رايه واختار قتاة من قنواتنا التي يزيد عددها عن عدد نجوم الارض لتكون خير جليس له.
   أكبر ظني، ان اناس هذا الزمان صاروا يدمنون المشاهدة وينبذون المطالعة، يجدون ضالتهم في التلفزيون أكثر مما يجدونها في الكتب والمعارف المقرؤة.
كم ساعة نقرا وكم ساعه نشاهد؟ ماذا نقرا وماذا نشاهد  كل ذلك مرتبط بالثقافة ، والثقافة هنا بمعنى نمط واسلوب الحياة وتاثير البيئة والمجتمع على الفرد ، نعم نحن نقرا نبدا يومنا بالقراءة ونختمه احيانا بالقراءة لكن ما بين البداية والنهاية نحن نشاهد نقضي جل ساعات الليل والنهار ممسكين بجهاز التحكم (الريموت كنترول) نبحر من خلال هذا الجهاز الصغير الى افاق واسعة ونعرج على مدن عظيمة لها تاريخ ونشاهد الطبيعة وحيواناتها ونستعرض العالم واخباره وكوارثه ونقف كثيرا عند اهل الفن وعوالمهم ونشاهد بملء اعيننا راقصة او ان شئت اسمها مغنية تبتسم وتتعرى لك لتنسيك حتى من انت.
معدل ساعات مشاهدة التلفزيون في مجتمعاتنا العربية كانت منخفضة مقارنة بدول الغرب عندما لم نكن نمتلك قنوات فضائية وجهاز الريسيفر السحري وأفادت احدى الدراسات التي اجريت مؤخرا على شرائح مختلفة من المشاهدين في عدد من الدول العربية الى ان نسبة 96% من المشاهدين في مختلف الأقطار العربية يشاهدون القنوات الفضائية المختلفة بواقع أربع ساعات يوميا، في حين ان 31% منهم يشاهدون تلك القنوات لمدة ثلاث ساعات يوميا و 34% يشاهدون لمدة ساعتين و 15% من المشاهدين يشاهدون التلفزيون لمدة ساعة واحدة فقط في اليوم، في حين ذكرت الدراسة ان نسبة مقتني الاطباق الفضائية في الدول العربية تنمو باضطراد وترتفع هذه النسبة سنويا بنسبة 12%.
ما يحصل في عالمنا اليوم من ادمان على مشاهدة التلفزيون والتلذذ في انتقاء البرامج المختلفة قضى على الكثير من القيم الكثيرة التي كان علماء الاداب والاجتماع والتربية ينادون بها ولم تصبح حتى الاسرة النووية الصغيرة تتحلق حول التلفزيون لمشاهدة
مسلسل ما او برنامج معين وطغت الفردية والانطوائية على انماط مشاهدتنا للتلفزيون بل ان الامر ذهب الى اقتناء جهازين او ثلاثة اجهزة في البيت الواحد هذا مخص للكبار وهذا للرسوم المتحركة للاطفال واخر للرياضة وتطول القائمة.
لماذا لا نقوم بتجربة اغلاق جهاز التلفزيون ولو ليوم واحد في منازلنا ونستعيض عنه بالقراءة والمطالعة والرجوع الى الكتاب او البحث عن بدائل اخرى مناسبة ولنر أثر ذلك على اسلوب حياتنا، هل ستغنينا تلكم البدائل عن مشاهدة الفضائيات وتجعل اسلوب حياتنا اليومي أفضل من دون فضائيات ام ان الامر سيكون سيان بين الامرين.
استوحيت هذه الفكرة من فكرة أطلقها استاذ امريكي وحاول تطبيقها على طلابه في الصف الرابع الابتدائي بتحفيزهم على اطفاء جهاز التلفزيون وتقديم جوائز تقديرية لمن يلتزم بذلك وفعلا كتب لبرنامج الاستاذ الامريكي الذي اطلق عليه " لنخفف من مشاهدة التلفزيون ونكثر من القراءة" كتب له النجاح وبدأت الكثير من المدارس  الامريكية في تطبيقه وأثبت نجاحه.
لنكن منصفين اكثر، قنواتنا الفضائية علمتنا الكثير وفتحت عقولنا وابصارنا على تجارب كثيرة لاناس وامم وشعوب وحضارات وساعدت في تثقيفنا وتعريفنا بالكثير من المبهمات والالغاز التي كانت في يوم من الايام احدى المحظورات او احدى الامنيات، ولكن زمام الامور في الشان الفضائي بدات في الانفلات فاصبح الغث والسمين يدخل باب بيتنا من دون ان ناذن له واصبح الاعلان والمكسب والخسارة ولغة التجارة هو ما يحرك هذا الفضاء بدلا عن قيم التربية والتعليم والتثقيف والتنوير ‘‘ الخ وكنتيجة نهائية لهذا اللهاث المستعر ان جرحت الاخلاق في صميمها .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الاحتفال بيوم المراة العمانية بمدرسة النبع

ღ .. بشرى ساره::مشروع قيمي أخلاقي:: بربوع النبع!!

استقبال مركز مصادر التعلم للطالبات الجدد بمدرسة النبع للتعليم الاساسي بالعامرات