مذكرات أميرة عربية




ايها الراحلون عنا قد سلبتم منا الروح ومزقتم الجسد ولم تبق لي الا الدموع تجري كامواج البحر، ايها السفين النازح رويدا تمنيت ان اكون طيرا فأطير حواليك ولكن كيف يطير الطير وقد هاض منه الجناح، إلهي يا رب العالمين اجمعنا ثانية قبل الممات او دع ارواحنا تلتقي في جنات سمائك"

كانت هذه آخر الكلمات التي وردت في مذكرات السيدة سالمة بنت السيد سعيد بن سلطان وهي تنعي وطنها "زنجبار" التي منعت من الرجوع اليه ورؤيته مرة ثانية بعد أن اضطرت الى السفر الى المانيا بصحبة زوجها هذريخ روث والذي كان ممثلا لاحد المحلات التجارية الالمانية في زنجبار، وحملت السيدة سالمة اسمه بعد ذلك ليصبح اسمها الاميرة اميلي روث.N

دعوني خلال هذه المساحة اسرد لكم بعضا من أخبار هذه السيدة من خلال ما ورد على لسانها في مذكراتها التي كتبتها، وهي في بلاد الغربة تعاني من الضياع والشتات وضيق الدنيا في وجهها بعد ان فقدت الامل في عودتها الى احضان وطنها الام.

اهمية هذه المذكرات تنبع من كونها تؤرخ لفترة ازدهار النفوذ العماني في شرق افريقيا وزنجبار على وجه الخصوص وتلقي الاضواء على الحياة الاجتماعية في ذلك الوقت لا سيما حياة سلاطين آل سعيد وحكمهم المتعاقب على زنجبار ابتداء من حكم السيد سعيد وابنائه من بعده والخلافات التي نشبت بينهم والنفوذ الاجنبي الذي استطاع ان يبث روح الفرقة بين الاخوة من احفاد السيد سعيد ليختم ذلك كله بانهاء الحكم العماني على زنجبار.

من يقرا هذه المذكرات لا بد له وان يعيش تلك الفترة في القرن التاسع عشر الميلادي، فالوصف الدقيق لتفاصيل الحياة اليومية في قصور السلطان ( قصور الموتني ، بيت الساحل، بيت الواتورو) اضافة الى ذكر التفاصيل الدقيقة للماكل والمشرب والملبس وذكر اخبار أناس ذلك الزمان وطريقة وأسلوب عيشهم ومصادر عيشهم وغيرها من التفاصيل الرائعة التي استطاعت السيدة سالمة تجسيدها في تلك المذكرات والتي ستبقى خالدة في الذاكرة الانسانية على مر السنين.

طفولة السيدة سالمة كما جاء ذكرها في المذكرات حيث "كانت في طفولتها ميالة للعب والانطلاق كثيرة النشاط جمة الحيوية عنيدة في رأيها، مولعة باتيان الغريب من الاعمال وكأنها تريد ان تثبت بروزها بين الاخرين وان تجلب الانظار اليها وتشد الاهتمام اليها، فهي تركب الخيل وتحمل السلاح وتبارز بالسيف".
عاشت حياتها في قصر والدها السلطان وفي رعاية امها الشركسية حتى توفي والدها السلطان ومن ثم تلته والدتها ببضع سنوات، تولت بعدها اختها خولة الاعتناء بها، الامر الذي شكل منعطفا في حياتها حيث اشتركت في المؤامرة التي قام بها اخوها برغش بالتعاون مع خولة لعزل اخيها السلطان ماجد، الا ان مؤامرتهم باءت بالفشل وترك ذلك اثرا في قلب اخيها ماجد الذي صفح عنها بعد ذلك، الا انها آثرت البعد عن اهلها حتى التقت بالتاجر الالماني الذي ستقرر الزواج منه والانتقال الى المانيا للعيش معا.
لست هنا بصدد سرد التفاصيل الكاملة لهذه المذكرات ولحياة السيدة سالمة، الا انني ادعوك للاستمتاع بقراءة هذه المذكرات للوقوف على ماضي اجدادنا العمانيين في شرق افريقيا والاستمتاع بالوصف الدقيق لتفاصيل الحياة اليومية في ذلك الزمان.

اضاءة:
              السيدة سالمة بنت السيد سعيد بن سلطان آل سعيد ولدت في عمان عام 1844 ورحلت الى زنجبار في 1866 وكان عمرها آنذاك عشرون عاما، في حين ان وفاتها كانت في العام 1922 في حدود الثمانين من عمرها.

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الاحتفال بيوم المراة العمانية بمدرسة النبع

ღ .. بشرى ساره::مشروع قيمي أخلاقي:: بربوع النبع!!

استقبال مركز مصادر التعلم للطالبات الجدد بمدرسة النبع للتعليم الاساسي بالعامرات